يعود تاريخ العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة إلى عام 1931م، عندما بدأت تظهر بشائر إنتاج النفط في البلاد بشكل تجاري، ومنح حينها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – تغمده الله بواسع رحمته – حق التنقيب عن النفط لشركة أمريكية، تبعها توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين عام 1933م دعمت هذا الجانب الاقتصادي المهم الذي أضحى قوة اقتصادية عالمية في هذا العصر. وعزّز الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – بعد مرور 12عامًا من تاريخ الاتفاقية المذكورة آنفا العلاقات الثنائية مع أمريكا بلقاء تاريخي جمعه بالرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على متن الطراد الأمريكي (يو إس إس كونسي) وذلك في 14 فبراير 1945م، بصحبة أخيه صاحب السمو الأمير عبدالله بن عبدالرحمن، وأبنيه الأميرين محمد ومنصور – رحمهما الله -. ووُصف هذا اللقاء التاريخي بنقطة التحول في انتقال علاقات المملكة وأمريكا إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي في مختلف المجالات، لتعمل المملكة بعدها على تسخير هذه العلاقة وغيرها من العلاقات الدولية في تلبية مصالحها الوطنية مع دول العالم بما فيها أمريكا، وخدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية. ووضع الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – سياسة حكيمة للمملكة تعتمد على مبادئ الشريعة الإسلامية التي تحترم حسن الجوار، وتعزيز علاقاتها بالأسرة الدولية دون الإخلال بثوابتها الدينية، والعمل على رفع مكانتها الإقليمية والدولية في مختلف المجالات بدون أن تتدخل في شؤون الغير، ورفض أي سياسة تتدخل في شؤونها الخاصة، ما جعلها تفرض احترامها على دول العالم، وتصبح عضوا فاعلا في مختلف المحافل والمنظمات الدولية. وحظيت المملكة باهتمام عالمي عام واهتمام أمريكي خاص، نتيجة مكانتها السياسية والإسلامية، والاقتصادية على المستويين الإقليمي والدولي، وعدّت إحدى مرتكزات الأمن الاستراتيجي في المنطقة العربية، كما أن ثروتها النفطية زادت من دورها الدولي في إحداث توازن بالاقتصاد العالمي على مر السنين نتيجة تحول النفط إلى سلعة عالمية أثرت على اقتصاديات العديد من الدول المستهلكة له، فضلا عن أن إطلالتها على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي جعلها متميزة في موقعها الجغرافي في المنطقة[1].
أما تاريخ لقاءات قيادات المملكة والولايات المتحدة فإنه يعود إلى عام 1943م، حينما لم يتمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – من زيارة الولايات المتحدة تلبية للدعوة الرسمية من الرئيس الأمريكي فرانكلين دي روزفلت، ، فأناب نجليه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود وزير الخارجية، وصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن عبدالعزيز آل سعود (الملكان فيما بعد ) – رحمهما الله- لبحث مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين. وزار الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – الولايات المتحدة الأمريكية بدعوة من الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور في 29 يناير عام 1957م، ليكون – رحمه الله – أول الملوك السعوديين الذين زاروا أمريكا. وفي شهر يونيو من عام 1945م، زار الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود الولايات المتحدة الأمريكية في عهد والده الملك عبدالعزيز – تغمدهما الله بواسع رحمته – بوصفه ممثلا للملك عبدالعزيز، لحضور تأسيس منظمة الأمم المتحدة في مدينة سان فرنسيسكو، والتوقيع على اتفاقية انضمام المملكة إلى المنظمة، لتصبح الدولة الخامسة والأربعين المنضمة إليها. وفي عام 1951م تم تغيير اسم الشركة الأمريكية المنقبة عن النفط في المملكة من (شركة كاليفورنيا أربيان ستاندرد أويل) إلى ( الشركة العربية الأمريكية للنفط) التي عرفت الآن بشركة ( أرامكو السعودية) وفي العام ذاته تم التوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين. وكان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون أول رئيس أمريكي يزور المملكة عام 1974م واجتمع خلال زيارته مع جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله -.
وخلال شهر فبراير عام 1962م زار الملك سعود بن عبدالعزيز – رحمه الله – الولايات المتحدة مرة ثانية، واجتمع مع الرئيس الأمريكي جون كيندي لتعزيز العلاقات الاقتصادية، بينما في عام 1966م التقى الملك فيصل بن عبدالعزيز الرئيس الأمريكي لندون جونسون، وبحث معه تأسيس شراكة سعودية أمريكية لعمل مشروعات التنمية في المملكة. والتقى الملك فيصل – رحمه الله – عام 1971م الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في واشنطن، وبعد ثلاثة أعوام أي عام 1974م تم الاتفاق على تأسيس اللجنة الاقتصادية السعودية الأمريكية المشتركة. وزار الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – أمريكا في شهر أكتوبر 1978م ، وفي العام ذاته زار فخامة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر الرياض، واجتمع مع الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – وبحثا إلى جانب العلاقات الثنائية، ما عرف بمشروع الرئيس كارتر لتحريك عملية السلام بين العرب وإسرائيل.
[1] Congressional Research ServiceSUMMARYSaudi Arabia: Background and U.S. Relations, October 5, 2021Congressional Research, p.p.7-16