الارجنتين دكتور محمد صادق اسماعيل

0 1٬292

يأتي هذا الكتاب ضمن سلسلة تجارب التحول الديمقراطي والإصلاح الإقتصادي والتي تم البدء فيها منذ قرابة السنوات الست واصدرنا من خلالها عدة تجارب تناولت دولا مثل تركيا وماليزيا واندونسيا والبرازيل وجنوب افريقيا وشيلي وألمانيا والإمارات العربية المتحدة، إلا أنه عندما نتناول تجربة الأرجنتين فإن ذلك مرده عدة أسباب أبرزها أن تلك الدولة تتشابه في وضعها الإقتصادي مع العديد من الدول ذات الإقتصاد المتوسط أو الموارد المحدودة، كما أن الأرجنتين مرت بتجربة إقتصادية غاية في الصعوبة انتهت بإعلان افلاسها والبحث عن ملجأ لأزماتها المالية الكبيرة.

من العام 1999 إلى العام 2002، عاش الاقتصاد الأرجنتيني حالة من الركود ترافق مع ارتفاع كبير في معدل الدين الخارجي وتضخم وبطالة، ما أدّى إلى إنهيار العملة المحلية البيزو أمام الدولار الأمريكي. ذلك أن تثبيت العملة البيزو أمام الدولار بالتزامن مع إنخفاض التدفقات في العملة الأجنبية خصوصاً بعد إنتهاء عملية الخصخصة التي قامت بها الحكومة الأرجنتينية أنذاك، ساهم في ارتفاع نسبة الديون بالعملة الأجنبية الى جانب هروب الكثير من رؤوس الأموال من الأرجنتين.

أضف لذلك أن البرازيل، الشريك الاقتصادي الأول للأرجنتين، كان يُعاني من أزمة اقتصادية في ذلك الوقت أتت بالتزامن مع مشكلات إقتصادية في المكسيك وغيرها من دول أمريكا اللاتينية. وقد أدى كل هذا إلى دخول الاقتصاد الأرجنتيني في مرحلة إنكماش دامت حتى العام 2003 ولم تستطع الأرجنتين خلال تلك الفترة دفع الإستحقاقات الخارجية ما أدّى إلى إعلان الدولة عن إفلاسها.

ومن أول الإجراءات التي تمّ أخذها في ذلك الوقت، إعادة هيكلة الدين العام مع إصلاحات هيكيلة  من قبل المُقرضين على الحكومة الأرجنتينية. لكنّ أحد أهم الإجراءات هي إضعافها لعملتها لكي تستفيد من تخفيض تكلفة للتصدير، وقد إستطاعت الأرجنتين مع وقف تسديد الديون والتصدير الكبير الناتج عن السياسة الإستثمارية المُتبعة معاودةَ النمو في العام 2003.

وبدأت الأرجنتين بسداد ديونها إبتداءً من العام 2005 حيث إنخفض من 118% في العام 2004 إلى 41.4% في العام 2011.

وعقب تلك النجاحات في اعادة نمو الإقتصاد الأرجنتيني جاء العام 2014 ليعلن عن موجة أخرى من الأزمات الإقتصادية داخل الأرجنتين وليطرح تساؤلا ملحا وهو هل يتكرر التاريخ مرة أخرى مع الإفلاس؟ وهل نجحت التجربة الأرجنتينية مع صندوق النقد الدولي؟ وهل كان للواقع السياسي الذي عاشته الدولة دورا في تأزم واقعها الإقتصادي؟ وهل كان غياب الحكم الديمقراطي سببا في وجود أزمات اقتصادية بارزة؟

ويبقى التأكيد أننا إذ نعرض لكيفية تطور الواقع السياسي للدولة بالتزامن مع أزماتها الإقتصادية ومحاولة ايجاد مخرج لهذه الإشكاليات فإننا لا نقصد عرضا تاريخيا أو سردا للأحداث بقدر ما نأمل في تقديم تجربة ربما تتشابه ظروفها أو جوانب منها مع دول أخرى عساها تجد في تلك السطور خطوة في سبيل الإصلاح والتطوير المنشود.

You might also like More from author

Leave A Reply

Your email address will not be published.