احتلال العراق ..د. محمد صادق اسماعيل

0 1٬867

        منذ أحداث الثاني من أغسطس عام 1990 بدأت الأزمة العراقية فى التصاعد حيث بدأت التداعيات بقيام العراق بغزو لدولة الكويت و تحالف المجتمع الدولى ضده و انتهاء بالعقوبات المفروضة على العراق والتي ألقت بالشعب العراقي في تداعيات الحصار والعقوبات مع إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على إقامة مناطق حظر جنوب وشمال العراق مما يضع العراق في شبه قصف جوي يومي لمواقعه العسكرية في هذه المناطق بدعوى تهديد مناطق الحظر وإعاقة الطيران الغربي من  تنفيذ هذه المهام. وقد سارت تلك التداعيات جنبا الى جنب مع مقاطعة كل من المملكة العربية السعودية والكويت العراق حتى قمة بيروت في مارس 2002 الماضي حيث حدث شبه تقارب وإن لم يرقى إلى المستوى المطلوب([1]).

        وقد تصاعدت المشكلة العراقية منذ أكتوبر 1998 عندما أبعد العراق المفتشين الدوليين بعد معاناته من طول فترات التفتيش وعدم رفع العقوبات الموقعة عليه وإصرار الولايات المتحدة وبريطانيا على عودة المفتشين الدوليين للتأكد من أن العراق لم يعيد تصنيع أسلحة تدمير شامل مرة أخرى هذا مع تأكيد العراق بأن المفتشين الدوليين كانوا يقوموا بالتجسس على العراق لصالح الولايات المتحدة.

   وبرغم حدة المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق إلا أن التهديد الأمريكي تزايد منذ أواخر العام 2001 خاصة عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية ومحاولتها انتهاز الحملة ضد الإرهاب وإلصاق التهمة بالعراق ، على الرغم من معارضة غالبية دول العالم ذلك نتيجة عدم وود قرائن داله على ضلوع العراق في أعمال إرهابية.  هذا وقد شهدت المشكلة العراقية عددا من المتغيرات كان من أبرزها:[2]

  1. ضعف التحالف الدولي الذي تشكل في حرب الخليج الثانية عام 1991 خلال السنوات الأخيرة.

  2. سياسة التقارب والتصالح التي اتبعها النظام العراقي تجاه الدول العربية التي أسفرت عن إقامة العديد من مناطق التجارة الحرة المشتركة مع العديد من هذه الدول مثل مصر وسوريا وتونس وبعض الدول الخليجية، وفي نفس الوقت تزايدت فيه الدعاوى العربية الداعية إلى رفع الحصار.

  3. نجاح العراق إلى حد ما في تسويق قضيته ومعاناة شعبه على الساحتين العربية والدولية، وتحميل الكويت وبعض الدول الخليجية مسئولية استمرار هذه الأوضاع المأسوية التي يعيشها الشعب العراقي من جراء فرض الحصار([3]).

        هذا واستمرت التهديدات الأمريكية والتلميح أحيانا بالحشد العسكري في المناطق القريبة من العراق ومابين مؤيد ومعارفي لعملية العدوان إلا أن التهديدات الأمريكية هذه المرة كانت تحمل طابع الجدية في تلميحاتها خاصة عقب خطاب الرئيس الأمريكي في 30 يناير 2002 بمناسبة يوم الاتحاد وإعلانه عن دول محور الشر في العالم وهي كل من إيران والعراق وكوريا الشمالية. [4]

        كما قدم العراق تقريره المطلوب إلى مجلس الأمن عن انتشار ومواقع أسلحة التدمير الشامل لديه في حوالي 12 ألف صفحة في 7 ديسمبر 2002 فيما اعتبرته الولايات المتحدة الأمريكية مجرد محاولة لخداع المجتمع الدولى و انه لم يضف جديدا على ما هو معلوم من قبل وأنه لم يظهر حقيقة امتلاكه أسلحة التدمير الشامل وبدأت فرق التفتيش وصولها العراق وقيامها بعملها دون أي تدخل من جانب العراق بل إن العراق قدم عدة تنازلات  تجنبا للتصعيد الأمريكي مثل: [5]

  • السماح بتفتيش قصور الرئاسة وهو ما كان يعارضه من قبل.

  • السماح باستخدام طائرات الاستطلاع (U2) فوق الأراضي العراقية.

هذا وفي 26 يناير 2003، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في شن حمله ضد العراق بدعوى انتهاكه للقرار (1441) عشية تقديم تقريري لجنة التفتيش الذي قدم إلى مجلس الأمن في 27 يناير حيث دعت إلى عقد اجتماع طارئ في مجلس الأمن لسماع خطاب وزير الخارجية الأمريكي فى ذلك الوقت  كولن باول في الخامس من فبراير 2003 والذي اتهم فيه العراق بخداع لجان التفتيش وأكد امتلاك العراق لأسلحة التدمير الشامل.[6]

وفي فجر الثلاثاء 18 مارس 2003 ألقى الرئيس الأمريكي خطابا هاما وجه فيه إنذارا نهائيا للرئيس العراقي بمغادرة العراق خلال 48 ساعة وإلا واجه الحرب ضد بلاده فيما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن أكثر من 45 دولة تؤيد الحملة الأمريكية علي العراق فيما عارضته دول عديدة منها روسيا وفرنسا وألمانيا مما كان دافعا لحدوث انشقاق داخل الإتحاد الأوربي في أول حادثة من نوعها في تاريخه ما بين مؤيد ومعارض ومع حشد حوالي 300 ألف مقاتل منهم حوالي 250 ألف مقاتل أمريكي 43 ألف مقاتل من المملكة المتحدة وقوات من دول أخرى بدأ الغزو الأمريكي –البريطاني للعراق في العشرين من مارس 2003.

[1] د. محمد سعد أبو عامود: الحالة العراقية الكويتية بين الإحباط والآمل ملف العدد، مجلة شئون خليجية، المجلد الثالث، العدد 26، مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، القاهرة، صيف 2001، ص52.

[2] لمزيد من التفاصيل أنظر د. خيرالدين حسيب،نكسة العراق،مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت،2004

[3] فتوح أبو دهب : الحالة العراقية الكويتية. الدلالات والنتائج، ملف العدد، مجلة شئون خليجية، مرجع  سابق، ص54

[4]  خطاب الرئيس الامريكى جورج دبليو بوش ، جريدة الأهرام ، القاهرة ، 31 يناير 2002

[5] د. سعدون حمادى و آخرون ، العراق من الغزو الى المقاومة والتحرير،مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ، 2006 ، ص.ص23-41

[6] جريدة الأهرام ، القاهرة ، أعداد متفرقة من شهرى فبراير و مارس 2003

You might also like More from author

Leave A Reply

Your email address will not be published.