الثورة السورية: أطفال سوريا في الدول المختلفة د. محمد صادق اسماعيل

0 1٬799

ان مشاكل إصدار الشهادات التعليمية ( مثل الحصول على شهادة )التعليم الأساسي( أو الشهادة الثانوية أو شهادة أعلى) تشكل أحد أهم التحديات الواجب معالجتها، بما أن الشهادات تعتبر أساسيّةً على صعيد دمج الطلاب في التعليم وأسواق العمل على المدى الطويل في سوريا وفي البلدان المستضيفة. ويفترض أن يوفر التعليم للاجئين المهارات والكفاءات التي يحتاجون إليها في سيناريوهين أساسيين، هما الاندماج في البلد المستضيف أو العودة إلى سوريا (علماً أنّ نسبة ضئيلة من اللاجئين ستستقر في بلد ثالث). يحتاج الأطفال السوريون إلى التعليم الذي يفتح أمامهم مجال الوصول إلى التعليم المهني أو التوظيف أو التعليم العالي في سوريا وفي البلدان المستضيفة في الوقت عينه، وتتيح الشهادات لهم هذه المجالات.

ويشكل إصدار الشهادات في نهاية التحصيل الدراسي تحدياً لا يقتصر على تعليم اللاجئين السوريين فحسب. فهو يعتبر أيضاً تحدياً في حالات اللجوء الأخرى حيث قد لا يتمتع الأشخاص النازحون بإمكانية الوصول الجاهز إلى الشهادات في بلدهم الأم أو في البلد المستضيف. وقد تضمنت مقاربات توفر شهادات تعليمية لللاجئين في ظروفٍ أخرى بإيجاد سبلٍ تمكن اللاجئين من التقدم للامتحانات في بلدهم الأم أو توفير الوصول إلى الامتحانات أثناء تواجد اللاجئين في البلد المستضيف أو إنشاء مجالس لإصدار الشهادات في ظل أزمة لجوء محددة[i].

وفي تركيا، تستعمل مناهج تعليمية متعددة مع الأطفال السوريين. أولاً، تستعمل بعض المدارس الخاصة بمجتمع اللاجئين المنهج السوري الوطني، ولكنها غير مجازة ولا يمكن أن تسمح للطالب بالحصول على شهادات. ثانياً، بما أن تركيا تستضيف حكومة المعارضة السورية (مع وجود وزارة تربية سورية موازية في منطقة غازي عنتاب التركية(، طور رموز المعارضة “المنهج السوري المعدل”، بالإستناد إلى المنهج السوري وطوروه على مستوى الرسائل السياسية وعلم التربية. طبقت مدارس اليونيسف في مخيمات اللاجئين وفي المجتمعات المستضيفة المنهج السوري المعدل. إلا أن هذا المنهج غير معتمد أو غير معترف به في أي مكان آخر. كما أنه مشحون سياسياً. لذلك، يتردد الكثير من الأهل في إرسال أطفالهم إلى مدارس تعتمد هذا المنهج، إذ يخشون أن تؤدي هذه الشهادة (المرتبطة بالمعارضة السورية) إلى معاقبتهم عند عودتهم إلى سوريا. وبما أن اختيار المنهج السوري الواجب اعتماده مثير للجدل، تستعمل بعض المدارس الخاصّة بمجتمع اللاجئين المنهج الليبي.

وفي الأردن ولبنان ، ثمة فرص وتحديات مختلفة. يعترف كل من الأردن ولبنان وسوريا بالمناهج والشهادات الصادرة عن البلدين الآخرين. في بعض الحالات، تجري وزارة التربية الأردنية امتحانات شهادات سورية إضافةً إلى امتحان الثانوية التوجيهي الأردني.

أما في لبنان، يتطلب أوراقاً ثبوتيةً )علماً أنّ الكثير من السوريين لا يملكونها بحوزتهم(، كما تبرز مخاوف حيال التزوير إن أجرى السوريون الامتحانات من دون أوراق ثبوتية تعرف عنهم. وبالتالي هناك حاجة إلى عملية خاصة بالامتحانات تسمح للاجئين السوريين بإجراء امتحان الشهادة الثانوية السورية. علاوةً على ذلك، وبما أن البرامج التعليمية البديلة غير معتمدة، فليس من الواضح كيف سيتم تولي إصدار الشهادات للأطفال في هذه البرامج. إن تم تطوير برامج تعليمية بديلة نظامية وتطبيقها على نطاق أوسع، سيكون من المهم تحديد كيفية إصدار شهادات للأطفال الذين ارتادوا المدرسة على إنجازهم العلمي.

ويفرض كل من لبنان والأردن وتركيا قيوداً على عمل اللاجئين السوريين، حيث ترتفع نسب البطالة في هذه البلدان التي تسعى إلى حماية مواطنيها من تدفق عمال منافسين بشكل مفاجئ. وتشعر الحكومات والمواطنون بالقلق حيال الطريقة التي يؤثر فيها السوريين في البطالة ككل. على سبيل المثال[ii]، استخلص تقرير أعدّه البنك الدولي أن وصول السوريين إلى لبنان قد ضاعف نسب البطالة هناك، مؤثراً بالتحديد على الشباب الذين لا يتمتعون بمهارات. كما أعلن معهد الإحصاء التركي أن وجود اللاجئين قد تسبب بارتفاع البطالة بنسبة 0.3في المئة، أي ما يوازي 251.000 شخصٍ تركي عاطل عن العمل[iii]. ومع ذلك، يعتبر إيجاد حل طويل الأمد لتوظيف السوريين أساسياً جداً. ويحتاج السوريون إلى القدرة على إعالة أنفسهم وعائلاتهم، نظراً إلى عدم كفاية المعونات الدولية لدعم جميع المهجّرين وجميع الذين يتهجرون في المستقبل. وإن استطاع السوريون العمل، قد يخضعون أيضاً للضرائب لدعم الخدمات الاجتماعية الضرورية، من مثل التعليم.  كما يجد الكثير من السوريين الذين يعجزون عن العمل بشكل رسمي وظائف أقل أجراً في سوق العمل غير الرسمية مع خطر تعرضهم للاستغلال. كما قد يتسبب السوريون الذين يعملون بصورة غير رسمية ومقابل أجور أقل بتخفيض الأجور التي تدفع للمواطنين في سوق العمل الرسمي. وتعتمد العائلات، لتأمين لقمة العيش ودخل إضافي، على الأطفال الذين يدخلون سوق العمل أو على الفتيات اللواتي يتم تزويجهن بسن مبكرة، علماً بأن هذين الحلين يخفضان فرص التعليم للأطفال.

وقد استخلص تقرير أعدته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنه في الأردن ولبنان، يعمل أطفال لا تزيد أعمارهم عن سبع سنوات لساعات طويلة مقابل أجور زهيدة، في ظروف خطرة أو استغلالية أحياناً. فيما تعمل بعض الفتيات في الزراعة والعمل المنزلي خاصةً، وتكون غالبية الأطفال العاملين من الذكور. وتشكل الحاجة المالية المحضة أساس جميع حالات عمالة الأطفال تقريباً…  ويقع عبء كبير على عاتق الأطفال العاملين. كما استنتجت دراسة أجريت أن 10 في المئة من الأطفال في الأردن يشاركون بعمالة الأطفال. ومع ذلك، فإن نسبة زواج الأطفال (حيث يقل عمر أحد الطرفين عن 18عاماً) من بين اللاجئين السوريين في الأردن قد ارتفعت من 18في المئة من العدد الإجمالي للزيجات التي تمت في العام 2012 إلى 32 في المئة في العام 2014 ، وقبل اندلاع الحرب الأهلية السورية، كانت نسبة الزيجات التي يقل فيها سنّ أحد الطرفين عن 18عاماً تبلغ 13 في المئة[iv].

     كما تأثرت الحالة النفسية والاجتماعية لأطفال اللاجئين السوريين على نحوٍ خطر بالحرب والتهجير والانتقال إلى بلدٍ جديد وعيش حياة يومية يسودها المجهول والحرمان . حيث عايش الكثير من السوريين أحداثاً مرعبة وخسارة وعنفاً أو شهدوا عليها أو خسروا أفراداً من عائلتهم أو رأوا بيوتهم تدمر وقد تعرضوا للصدمات وواجهوا مشاكل صحية عقلية.

[i] Dryden-Peterson, Sarah, Refugee Education: A Global Review, Geneva: United Nations High Commissioner for Refugees, 2011. As of January 14, 2015:

Kirk, Jackie, ed. Certification Counts: Recognizing the Learning Attainments of Displaced and Refugee Students, Paris: UNESCO-IIEP, 2009.

[ii] Bidinger, Sarah, Aaron Lang, Danielle Hites, Yoana Kuzmova, Elena Noureddine, Susan M. Akram, Lys Runnerstrom, and Timothy Kistner, Protecting Syrian Refugees: Laws, Policies, and Global  Responsibility Sharing, Boston, Mass.: Boston University School of Law, 2014. As of January 21, 2015

[iii] Cetingulec, Mehmet, “Syrian Refugees Aggravate Turkey’s Unemployment Problem,” Al-Monitor, July 9, 2014. As of March 19, 2015:

[iv] UNICEF—See United Nations Children’s Fund. United Nations, Universal Declaration of Human Rights, December 10, 1948. As of October 14, 2015:

You might also like More from author

Leave A Reply

Your email address will not be published.