السياحة البينية العربية…اشكاليات راهنة د. محمد صادق اسماعيل

0 1٬767

تسابقت المدن العربية والجهات والمقاصد السياحية العربية الى اقامة المنشآت وتقديم الخدمات التى تتفق مع طبائع وحاجات السائحين الوافدين من خارج المنطقة العربية، حيث توارت السياحة بين الدول العربية، وهو ما يظهر بوضوح فى شكل مؤسسات الضيافة ونظم ادارتها والخدمات التى تقدمها والتى صيغت لتلبية انماط السياحة الوافدة من بعيد، حتى المسميات والشعارات التى تحملها هذه المؤسسات كلها تخاطب السائح الوافد من خارج المنطقة العربية الى درجة تنذر بتآكل الهوية العربية، وهى المشكلة التى تحتاج الى وقفة جادة واعادة ترتيب البيت من الداخل.

ورغم كل ذلك، فإن السياحة العربية البينية ظلت ثابتة تقاوم الكثير من المحددات البنائية والتسويقية معتمدة على عمق الروابط والوشائج التى تربط بين امة العرب والتى واجهت تلك العناصر السلبية التى لا تتمشى مع مفهوم سياحة العرب. مع ضرورة الاخذ فى الاعتبار حقائق مهمة ابرزها:

  • ان ما تحقق بالنسبة للسياحة العربية البينية انما تحقق فى الاساس نتيجة لعمق الروابط العربية التى تجمع بين ابناء هذه الامة منذ القدم ثقافيا وتاريخيا وحضاريا. ولكن، ما قدم فى مجال التنشيط وتنمية السياحة العربية حتى الان لا يتناسب مع الامكانات المتاحة والمتوفرة لسياحة العرب.
  • أن هناك الكثير من الثوابت التى تؤكد قدرة السياحة العربية البينية على ان تحتل مكانتها ودورها الفعال فى اقتصاديات السياحة على مستوى كل دولة او جهة سياحية اذا ما اخذت نصيبها المناسب من الاهتمام والرعاية تخطيطا وتنمويا وتسويقيا.
  • ان النمو المتواصل والمتوازن للنشاط السياحى فى اى جهة سياحية يعتمد على ثلاث محاور اساسية وبالترتيب:
  • السياحة المحلية.
  • السياحة البينية الاقليمية.
  • السياحة من الاسواق البعيدة.

وعلى هذا، فاذا ما تمكنت الجهة السياحية من ان تقيم دعائمها وبنائها وفق النموذج الطبيعى للبناء الهرمى الذى يعطى اهمية للسياحة المحلية ويليها بالترتيب السياحة الاقليمية فانها تقيم دعائم ثابتة لصناعة مستقرة ومتواصلة النمو وبعيدة عن المؤثرات والضغوط السلبية التى تحدث بطبيعة الحال من وقت لآخر فى اطار التغيرات السياسية والاقتصادية والامنية التى لا تملك الجهة السياحية القدرة على مواجهتها او التحكم فيها.

وفى ضوء ما سبق، يمكن تسجيل اشكاليات السياحة العربية البينية فيما يلى:

اولا- قصور السياسة الاعلامية:

فى الوقت الذى تهتم فيه الدول المتقدمة بالوسائل الاعلامية لابراز المقومات السياحية التى تتمتع بها دون ابراز الجوانب السلبية أو أوجه القصور الموجودة بها، إلا أنه فى الدول العربية لم تصل وسائل الاعلام السياحى إلى المستوى المطلوب والذى يحقق التنمية السياحية المستهدفة من الوسائل الاعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية، بل يصل الامر فى بعض هذه الوسائل الى نشر سلبيات المجتمعات العربية ومشاكلها الاجتماعية والاقتصادية، مما يجعل كثير من السائحين يحجمون عن زيارة البلدان العربية والتوجه الى بلدان أخرى احسنت فى استخدام وسائل اعلامها.

ثانيا- قصور النظرة السياحية:

 ينشأ هذا القصور من التركيز على نمط السياحة الثقافية او التاريخية دون الانماط الاخرى التى تملك الدول العربية من مقوماتها الكثير، ولم تصل بعد الى حد الاهتمام والاستغلال الامثل، وأهم هذه المعوقات:

  • عدم الاهتمام بالانماط السياحية الاخرى كالسياحة العلاجية والاستشفائية.
  • عدم توافر العناصر الرئيسية لنمو صناعة السياحة، كالموانى الجوية والبحرية القادرة على تقديم الخدمات والتسهيلات السياحية على مستوى عالى، عدم توافر شبكة جيدة للطرق تربط بين البلدان العربية، النظم الادارية والقوانين المعوقة لانطلاق النشاط السياحى.
  • انخفاض الوعى السياحى لدى افراد المجتمعات العربية، وهو ما يرجع الى عدة عوامل منها:
  • عدم اهتمام الاسر العربية بتنمية الوعى السياحى لدى افرادها.
  • قصور الدور الاعلامى فى تنمية الوعى السياحى لدى افراد المجتمع.
  • عدم قيام الاجهزة السياحية المسئولة فى البلدان العربية بدورها المهم فى تشجيع السياحة العربية البينية.
  • عدم اهتمام الاجهزة والمؤسسات التعليمية بخلق وعى لدى الطلاب على جميع المستويات وزيادة معلوماتهم السياحية عن البلدان العربية.
  • غياب التخطيط السياحى، وهو ما يتضح فى عدد من المؤشرات، أبرزها:
  • عدم اعتماد التخطيط السياحى على الاساليب العلمية الحديثة فى تحديد الاهداف المطلوب تحقيقها.
  • غياب النظرة التخطيطية السياحية المتكاملة التى تربط بين الانشطة والقطاعات السياحية.
  • عدم ارتباط خطة التنمية السياحية بالخطة العامة للدولة فى كثير من البلدان العربية.
  • عدم ارتباط الخدمات السياحية المتاحة بالحركة السياحية المتوقعة.

You might also like More from author

Leave A Reply

Your email address will not be published.