مشروعية التدخل الدولي في النزاع الروسي الأوكراني دكتور محمد صادق اسماعيل

0 340

لقد كان القانون الدولي، عبر تاريخه، معنياً دوماً بحل المنازعات سواء الدولية أو داخل حدود الدول، وهذا أمر طبيعي ومنطقي، طالما أن معالجة المنازعات هي أحد الأهداف الرئيسية لأي قانون وعلى أي مستوى. ويتبع القانون في ذلك إحدى الطريقتين: إما منع وقوعها أصلاً أو تسويتها بعد وقوعها. ومع مرور الزمن إتضح لفقهاء القانون أن المنازعات تكون على أنواع مختلفة من حيث نشأتها، ولذلك كان لا بد من تطوير إجراءات وحلول تختلف باختلاف أنواع المنازعات، بحيث تحقق أقصى درجة من الفعالية[1].

وقد اصطلح فقهاء القانون الدولي على تصنيف المنازعات من خلال نوعين رئيسيين: منازعات سياسية ومنازعات قانونية، وإن كان قد ظهر مؤخراً نوع ثالث هو المنازعات الفنية التي يتجه كل فرع منها إلى التسوية من قبل هيئة متخصصة و تكون على إلمام بالمشاكل الفنية التي تنطوي عليها المنازعات. وجرت محاولات عدة لرسم الحدود بين المنازعات السياسية والمنازعات القانونية، ولقد كان الأساس في هذا التمييز أن الأولى لا تصلح لأن تنظر فيها محكمة. وقصد بذلك المنازعات التي تلعب فيها الاعتبارات السياسية دوراً مهماً (كالمصالح الوطنية الحيوية، والمصالح الاقتصادية الخ…) في حين أن الثانية تصلح لأن تنظر فيها محكمة وقصد بذلك ليس فقط المنازعات التي تنطوي على مسألة قانونية، وإنما أيضاً تلك المنازعات التي تتصل بالقانون اتصالاً وثيقاً بحيث يمكن اللجوء إليها لتسويتها، وقد أصبح هذا التمييز مقبولاً. وأدخل في بنود عدد من اتفاقيات التحكيم[2].

ولابد من الإشارة هنا إلى أنه يصعب عملياً فصل الاعتبارات السياسية عن الاعتبارات القانونية. ولذلك يميل معظم الفقهاء اليوم إلى اعتبار أن هذا التمييز يعتمد على مواقف أطراف النزاع. فإذا كان هؤلاء ينشدون فقط بحقوقهم التي يتمتعون بها بموجب أحكام القانون فالنزاع قانوني بلا شك. أما إذا طالب أحد أطراف النزاع أو جميعهم ليس فقط بحقوق قانونية، وإنما أيضاً بتحقيق مصلحة خاصة ما، حتى ولو تطلب ذلك تغييراً في الوضع القانوني القائم، فالنزاع سياسي بلا شك[3].

[1] عبد الكريم عبد الله آل مانع، التسوية السلمية لمنازعات الحدود. دراسة حالة النزاع الحدودي السعودي اليمني في ضوء أحكام القانون الدولي، رسالة ماجستير غير منشورة، القاهرة: جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2012 ،ص. 36

[2] د. احمد توفيق منصور، القانون الدولي، القاهرة، بدون ناشر، 2010، ص. 61 كذلك يمكن الرجوع إلى: د. على الضبعان ، المدخل الى القانون الدولى العام ، عمان ،دار الفكر العربى ،2007

[3] عبد الكريم عبد الله آل مانع، التسوية السلمية لمنازعات الحدود. دراسة حالة النزاع الحدودي السعودي اليمني في ضوء أحكام القانون الدولي، مرجع سابق، ص. 37

للدراسة كاملة: تواصل مع المركز

You might also like More from author

Leave A Reply

Your email address will not be published.