لقد تعلمت ألمانيا من تاريخها بعد الحرب العالمية الثانية. فهي تعمل منذ ذلك الحين على نفض غبار الحقبة النازية من خلال تعاملها النقدي والجريء مع هذه الحقبة. وهناك إجماع بين مختلف القوى السياسية الألمانية على توظيف دروسها من أجل مستقبل يقوم على حل المشاكل بالطرق السلمية بعيداً عن العنف والحروب وبناء على حق الشعوب في تقرير مصيرها. وبناء عليه أجرت مصالحة ذات كلفة عالية مع جيرانها وأعدائها السابقين. وفي هذا الإطار كانت من السباقين إلى المساهمة في بناء البيت الأوروبي الذي ولد فيه الاتحاد الأوروبي. كما بنت نظاماً سياسياً ديمقراطياً يصعب على النازيين وأمثالهم اختراقه. إضافة لذلك فقد ابتعدت عن نزعة العسكرة مفضلة تنمية شاملة بالاعتماد على الصناعات المدنية. ولا يغير من حقيقة ذلك أنها ما تزال من البلدان الهامة التي تنتج السلاح الخفيف والمعدات الأمنية. هذا التعامل النقدي مع التاريخ أمر في غاية الأهمية بالنسبة لعالمنا العربي. فعلى الرغم من مرور أكثر من قرن ونصف على ما يسمى بعصر النهضة العربية فإنه يبدو مراوحاً مكانه على صعيد القضايا التي طرحت آنذاك والمطروحة اليوم. ويأتي في مقدمتها قضايا المرأة والدين والدولة وتنظيم الحياة السياسية والعلاقات بين دوله وبينها وبين جيرانه.
- Home
- كتب ومراجعات
- كتاب التجربة الألمانية دكتور محمد صادق اسماعيل