يمكن للكاتب التأكيد أن الشعرالرقميهونمطمنالشعريعنىإضافةإلىاللغةوالمضمون،بالشكلوالبناءالخارجيللقصيدةبصورةأساسية. ويمكن أن نميز بين نوعين من الشعر البصري الرقمي: نوع توظف فيه مؤثرات بصرية فقط، ونوع توظف فيه إلى جانب المؤثرات البصرية، مؤثرات صوتية أيضًا. وما نريد تسليط الضوء عليه هنا، هو الكشف عن هذه العلاقة بين الشكل والمضمون في الشعر البصري الرقمي بنوعيه، وكيف استفاد الشعراء المعاصرون من التكنولوجيا الحديثة لبناء قصائد بصرية تخدم فيها المؤثرات الصوتية والبصرية المضمون، وتلعب دورًا هامًا في إنتاج المعنى أو الدلالة.
ولابد من إشارة هنا إلى أن هذا النوع من الشعر له جذور قديمة في الكتابة العربية، فما هو إلا تطور عن الشعر البصري الذي عرفه أدبنا العربي القديم. وعليه، يجب أن نفهم أولا التطور التاريخي لهذا الشعر، والفلسفة التي يقوم عليها، حتى يتسنى لنا أن نفهم التجديد الذي طرأ عليه بدخوله عصر الرقمنة[1].
وتشكل صفة التفاعلية أساسا للشعر الرقمي، لذا أطلق عليه في العديد من الأبحاث والدراسات اسم الشعر التفاعلي “ويجدر بالنقد أن يأخذ في حسابه كلا من قناة الاتصال (الحاسوب) والسياق الثقافي أساسين فنيين لإجراء التفاعلية، فحين يكون النقد قاصرا عن معرفة أسرار نجاح أو إخفاق النص الأدبي التفاعلي ورصدها، ولا سيما المتعلقة منها بتقنيات قناة الاتصال الرقمية، فإنه يكون نقدا عاجزا لا يخدم الأدب التفاعلي في شيء”([2])، فالتفاعل محكوم بالسياق، إذ لا يمكن حصول الفهم والتأويل بعيدا عنه، فهو يشمل الوسائط وقناة الاتصال والثقافة التي لا غنى للمؤول عنها في تحليله لهذه النصوص. ويحدث أول ارتباط بين ثلاثية (النص/ السياق/ المؤول) عند أول عتبة للنص ألا وهي العنوان، والذي يعتبر مفتاحا تأويليا للنصوص، وفيها يحدث أول ربط لمؤول النص بالسياق فهذه العتبة النصية تجعله”لا يقترب من موضوعه القرائي فارغ الذهن، وإنما مزودًا بمعارف خلفية وأنساق تصورية، تعمل لإنجاز سيناريوهات قرائية مبنية على ما يقدمه العنوان من مؤشرات دلالية”([3]) فيسهم العنوان بشكل كبير في ربط القارئ بسياق النص حينها يحدث التفاعل، ومنه تكون الانطلاقة لتأويل النص الشعري الرقمي.
[1] د. ايمان يونس، تأثير الإنترنت على أشكال الإبداع والتلقي في الأدب العربي الحديث، كلية الآداب ، معهد علوم الحضارة، 2011، ص. 99
([2]) أمجد حميد التميمي، مقدمة في النقد الثقافي التفاعلي، كتاب ناشرون، لبنان، ط1، 2010، ص93.
([3]) محمد بازي، العنوان في الثقافة العربية – التشكيل ومسالك التأويل-، منشورات الاختلاف، الجزائر، ط1، ص2012، ص25.