العلاقات الخليجية التركية دكتور محمد صادق اسماعيل

إن العلاقات بين دول مجلس التعاون والجمهورية التركية ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، فقد كانت الإمبراطورية العثمانية تبسط نفوذها على أقاليم الحجاز ونجد وعسير وجزء من إمارات ومشايخ ساحل عمان والخليج العربي، والتي أصبحت تشكل الآن دول مجلس التعاون. لقد كان رابط الدين الإسلامي هو الذي جمع بين الإمبراطورية العثمانية، التي ورثت الخلافة الإسلامية وما تضمه من البلدان والأمصار التي كانت تحتويها هذه الخلافة، بما فيها العالم العربي، بشكل عام، ودول مجلس التعاون بشكل خاص، حتى غدت بعض أقطار وأمصار ومشايخ وإمارات الساحل العماني تحت حكم العثمانيين، طيلة القرن التاسع عشر وجزء من القرن العشرين حتى عام 1914م. حيث قامت الحرب العالمية الأولى وخضعت البلدان العربية إلى تقسيمات على ضوء اتفاقية سايكس بيكو، عام 1916م. ولم تكن إمارات ساحل عمان ضمن هذه الاتفاقية على اعتبار أن بعض هذه الإمارات والمشايخ والسواحل كانت تقع تحت إشراف شركة الهند الشرقية التابعة لبريطانيا العظمي في ذلك الوقت، ومن ثم خضعت لتقسيمات أخرى في اتفاقية سان ريمو عام 1920م وما تبعهما من تقسيمات العالم العربي، بين الاستعمار البريطاني والاستعمار الفرنسي، مع بقاء إمارات ساحل عمان مثلما هو عليه، ودور هذا الاستعمار في منح وطن قومي لليهود في فلسطين، عام 1948م، على أثر صدور وعد بلفور عام 1917م.

         وهنا لابد من الوقوف على ما آلت إليه هذه العلاقات، بين دول مجلس التعاون بوضعها الجديد وبين جمهورية تركيا بواقعها المتجدد، إذ أننا سوف نتناول في هذا الموضوع الأبعاد التاريخية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية، ثم نعرج إلى مستقبل هذه العلاقات، التي تتنامي يوماً بعد يوم، بسبب رغبة الطرفين في تحقيق مكاسب من بعضهما البعض، ومن خلال الزيارات المتبادلة بين المسئولين في الجانبين وعلى مختلف المستويات خاصة وأن هناك تقارباً في وجهات النظر في عدد من المسائل التي تهم الطرفين، والمشاكل التي تتربص بها المنطقة بعد احتلال العراق، والتهديد باستخدام القوة ضد إيران لمنعها من بناء مفاعل نووي، وأثر هذا المفاعل على دول المجلس وتركيا والمنطقة، في حالة قيام مثل هذا المفاعل. وكذلك موقف الجانبين من الحرب التي شنتها القوات البرية والبحرية والجوية الإسرائيلية ضد غزة، وما خلفتها آلة الحرب الإسرائيلية من قتل الأبرياء والأطفال والشيوخ في غزة، وما أحدثته من دمار لكافة البنية التحتية في غزة.

ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يعد اصدارا مهما في المكتبة العربية

Comments (0)
Add Comment