منذ تولى السلطان قابوس بن سعيد المعظم مقاليد الحكم في 23 يوليو 1970م ، عمل منذ البداية على رسم الخطط والبرامج الكفيلة بتحقيق الرخاء والتقدم لكافة شرائح المجتمع العماني والتواصل مع المجتمع الخارجي .ومن خلال الارادة الصلبة للمجتمع استطاعت عمان ان تتجاوز مرحلة البداية في أوائل السبعينات بكل تحدياتها ومشكلاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، المحلية والاقليمية والدولية، وتمكنت عمان خلال فترة وجيزة أن تشكل عناصر قوة لدولة عصرية فاعلة تنهض على سواعد أبنائها مستعيدة مكانتها بين الامم والشعوب .
ومع بدء خطة التنمية الخمسية الاولى (1976-1980) انطلقت مسيرة النهضة المباركة بخطى أسرع وقوة أكبر تعلى صرح البناء الوطني وتزيد من اتساع وتطوير علاقاتها الاقليمية والدولية من أجل تحقيق التقدم والرخاء في الداخل ودعم السلام والاستقرار والطمأنينة في ربوع المنطقة المحيطة بها .[1]
وعلى امتداد السنوات الماضية ومع نهاية الخطة الخمسية الرابعة في عام 1995م كان قد تم ارساء واستكمال أسس الدولة العصرية ودعائم الاقتصاد الوطني القادر على النمو الذاتي ، حيث تم استكمال البني التحتية في مختلف المجالات ، وفي كل ولايات ومناطق السلطنة تقريبا ، كما أن جيلا من الكوادر الوطنية الواعية كان قد شب وبدأت قوافلة من الخريجين تنساب سنة بعد أخرى لتأخذ مكانها في المشاركة في عملية البناء الوطني .[2]
وفي عام 1996م صدر النظام الاساسي للدولة الذي شكل الاساس القوي والمتين الذي تنطلق به عمان الى القرن القادم لتحقيق المزيد من التقدم والرخاء و الاستقرار، ولمشاركة أبنائها في عملية التنمية وتوجيهها على مختلف المستويات.
ويمثل النظام الاساسي الاطار القانوني الذي يتحرك المجتمع في نطاق ، وتستمد منه أجهزة الدولة المختلفة أسس ونطاق عملها ودورها وتحتكم إليه كذلك ، ومن ثم فانه لم يكن مصادفة أن يصدر هذا النظام بعد نحو ربع قرن من العمل والجهد الشاق ليقنن الكثير مما استقرت عليه حركة المجتمع خلال تلك السنوات من ناحية ، وليتجاوب مع تطلعات وطموحات المواطنين ومتطلبات المرحلة التالية للتنمية الوطنية من ناحية ثانية ، وليجيب على كل التساؤلات بوضوح ودقة وتجرد من ناحية ثالثة .[3]
ان نظرة سريعة لما احتواه النظام الاساسي للدولة من مبادىء وقواعد وأحكام ، ولما يمثله من أساس لمختلف القوانين التى تصدر في السلطنة كافية لليقين بأنه يوفر أقصى حماية وضمانات للحفاظ على حرية الفرد وكرامته وحقوقه ، وعلى نحو يكرس حكم القانون على أرفع المستويات المعروفة دوليا .
و العنصر البشري يعتبر – أينما كان- أساسيا للتنمية، وأوكل الله به مهمة عمارة أرضه، لذلك فالاهتمام بهذا العنصر يأتي في أولويات قائمة كل الدول، فما فائدة تنمية موقع والبشر فيه يعانون الأمرين.
فقد فرض الواقع الذي كان ولمواجهة متطلبات خطط التنمية المتتابعة التي بدأت منذ عام 1970 الاستعانة بمختلف أنواع الخبرات من الدول الشقيقة والصديقة، فضلا عن عدد كبير من الأيدي العاملة في العديد من قطاعات الإنتاج. [4]
وسياسة التعمين التي تتبعها عُمان ترتكز على دعامتين أساسيتين :
الأولى : التدريب المستمر للكوادر العمانية بكل مستوياتها وفق أحدث النظم والأساليب العلمية.
الثانية : تعميق قيمة العمل مهما كان وفي أي موقع باعتبار أن العمل هو المعبر الحقيقي عن كرامة الإنسان وشرفه وهو قبل كل شيء واجب وطني تجاه بلده والأمم والشعوب لا تتطور إلا بأبنائها.
[1] سلطنة عمان ، الخطة الخمسية الأولى ، المرسوم السلطانى ، 1976
[2] فاطمة بنت محمد البهلوى ، النهضة المباركة بالسلطنة ، البحرين ، ندوة إصلاح الأوضاع الاقتصادية بدول الخليج ، 12-15 اكتوبر 1994
[4] د. سعيد عبد الرحمن ، سياسة التعمين بسلطنة عمان و أومة العمالة الوافدة ، مؤتمر مواجهة العمالة الأجنبية .. الواقع و التححديات ، الكويت ، 1-3 يناير 1995