تعد منطقة الخليج العربي إحدى أهم المناطق الحيوية في العالم حيث تحتل موقعًا متميزًا بين قارات العالم القديم ( آسيا- أفريقيا- أوروبا ) فضلاً عن كونها تشرف على ثلاثة من أهم الممرات المائية (البحر الأحمر– البحر المتوسط – الخليج العربي) بما يصبغها بأهمية إستراتيجية على صعيد خطوط النقل البحرية والبرية والجوية وحركة التجارة الدولية والإقليمية هذا إلى جانب ما تمتلكه منطقة الخليج من ثروات طبيعية هائلة لاسيما الثروات النفطية والغاز الطبيعى ، حيث بلغ إجمالي إنتاج النفط الخام خلال عام 2007م للدول الست المكونة لمجلس التعاون الخليجي قدرت نحو(16) مليون برميل يوميًا، كما أن إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي لعام 2007م قدر بنحو(181) مليون متر مكعب .
كما شهدت تلك الدول قيام العديد من الصناعات التي تعتمد على النفط مثل الصناعات البتروكيماوية ، إضافة إلى أن معظم دخل هذه الدول يعتمد على الإيرادات القادمة من الصادرات النفطية. كما تتضح الأهمية الاستراتيجية لتلك الدول إذا ما تبين أنها تمتلك مخزون استراتيجي يصل إلي نحو(60%) من الاحتياطي الإستراتيجي العالمي من النفط .
و لقد ظل الخليج العربي منذ أقدم العصور وحتى الآن محط نظر القوى الطامعة فيه،ولذلك تعددت أسماء الخليج وفقاً لأنواع القوة التي وفدت عليه . ونظراً لمكانة الخليج العربي بعد اكتشاف النفظ أصبحت كل الأنظار تتوجه إليه ، فمنذ زمن طويل ظلت بريطانيا تتحين الفرصة حتي تمكنت من إمارات الخليج ووقعت معهم اتفاقيات حماية ثم بعد ذلك بدأ كلٍ من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي – سابقاً – يتحينون الفرص للوصول إليها . ولذا فقد قام الاتحاد السوفيتي بإحتلال أفغانستان و كان من ضمن أهدافه منطقة الخليج العربي عبر أفغانستان ، اما الولايات المتحدة الأمريكية فقد حققت أهدافها عندما إستغلت أزمة الخليج الثانية لتضع أقدامها على أرض الخليج العربي و ذلك من أجل تأمين مصالحها الإستراتيجية إلى جانب منع القوى العالمية المنافسة من بسط سيطرتهم على تلك المنطقة الحيوية على الصعيد العالمى .
و لقد دعت العديد من الظروف و المتغيرات سواء الدولية أو الإقليمية إلى ضرورة تحقيق الأمن لدول مجلس التعاون الخليجية العربية , ذلك أن العديد من تلك المتغيرات قد ألقت بظلالها على منطقة الخليج و بالفعل شكل عدداً منها تهديداً لأمن الخليج العربي الأمر الذي دعا بدوره إلى تحديد المقصود بالأمن بالنسبة لدول مجلس التعاون والذي تأسس بهدف لمْ شمل تلك الدول وحماية أمنهم المشترك بإعتبارهم وحدة إقليمية واحدة ، و من ثم فإن أمن دول مجلس التعاون يعد جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي العربي الأمر الذي يعنى تأثير الأمن الخليجي بما يحدث على الصعيد العربي إضافة إلى أن منطقة الخليج شكلت عنصراً فاعلاً لتحقيق الأمن العربي خاصة بعد الإحتلال الأمريكي للعراق و بقاء القواعد العسكرية الأمريكية على أرض الخليج العربي
وفي ظل تلك الاعتبارات الاقتصادية والجغرافية والسياسية برزت أهمية وجود كيان جماعي يعبر عن المصالح المشتركة لتلك الدول ويتفاعل مع الأحداث الدولية والإقليمية المحيطة تأثيرًا وتأثراً . وهو الأمر الذي تبلور في إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مايو 1981م بعضوية كل من دولة الأمارات العربية المتحدة ودولة البحرين والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ودولة قطر ودولة الكويت .
و من ثم فإن قرار قادة دول الخليج العربية بقيام مجلس التعاون يعني تصميمهم على مواجهة كافة المشاكل والأزمات ( داخلياً – خارجياً – إقتصادياً – سياسياً إجتماعياً – أمنياً ) مواجهة جماعية لتحقيق الأمن القومي والعربي .
ويشترك أعضاء المجلس في النظام السياسي، والنسيج الاجتماعي والثقافي. وتعد السعودية هي العضو الأقوى. وتمتلك المجموعة نصف احتياطي العالم من النفط تقريبا. وفي سنة 1984 أنشأت نواة قوات دفاعية مشتركة هي “درع الجزيرة”، التي توجد قاعدتها بالسعودية. لكن المجلس فشل في توسيع هذه القوات؛ كما أجهضت خطة اقترحتها سلطنة عمان لإقامة قوات قوامها 100 ألف جندي. وقد وقعت دول المجلس عام 2004 على اتفاقية لتقاسم المعلومات المخابراتية لمكافحة الإرهاب.
و على الصعيد الاقتصادي، يهدف مجلس التعاون الخليجي إلى إقامة سوق مشتركة قبل متم عام 2007 ، وإصدار عملة موحدة قبل حلول عام 2010. كما أقيم اتحاد جمركي عام 2003، لكنه لم يًطبق تمام التطبيق.
و منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضى وحتى الآن حدثت الكثير من المتغيرات العالمية والإقليمية مما كان لها الأثر الواضح على دول التعاون الخليجي ولعل أهم تلك المتغيرات هو سقوط الاتحاد السوفيتى كقوة عظمى وإنتهاء الحرب الباردة وإنفراد الولايات المتحدة الأمريكية كقطب وحيد فى العالم يوجه شئون العالم فى جميع نواحيه السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية وكذلك إحتلال العراق للكويت والذى أدى إلى إحداث متغيرات كبيرة فى المنطقة لا زالت دول مجلس التعاون الخليجي خاصة والأمة العربية عامة تعانى من تبعاتها .
و لاشك ان لمجلس التعاون الخليجى دورا متناميا فى الحفاظ على الامن الخليجى و تفعيله الا ان ثمة اشكاليات فق تعوق دون تحقيق المجلس لدوره المنوط به لاسيما مع وقوع العديد من المتغيرات على الصعيدين المحلى ة العالمى .